أخبار وطنية الرأي الحر: لا لتقسيم التونسيين يا مرزوقي!
بقلم: محمد المنصف بن مراد
كتبت في افتتاحية العدد الماضي انّ الانتخابات الرئاسيّة هي أوّل انتخابات حرّة ومباشرة لشعب عربي منذ بداية التاريخ.. هي معجزة سياسية لأنّ الحكم يُضمن إمّا بالوراثة أو بالانقلاب أو بالتزوير ولقد برهنت تونس وشعبها وجيشها وأمنها اليوم أنّهم جديرون بكلّ التقدير رغم الخروقات البسيطة التي جدّت في بعض مكاتب الاقتراع..
وبينما كنا ننتظر من المرشّح المرزوقي ان يحترم كل التونسيين وأن يوحي ـ مجرّد الإيحاء ـ بأنّه يجمع ولا يفرّق وأن يتحدث بنبرة هادئة ويشكر حزب النهضة والميلشيات العنيفة التي ساندته، وجدنا أنفسنا أمام مترشّح متشنّج لا يسيطر على أعصابه وكأنّه غير واع بأنّ الرئاسة تتطلب الرّصانة والاعتدال والحزم في الدّفاع عن الجمهوريّة وقيمها.
فبعد انّ قسّمت النهضة التونسيين بين مسلمين وعلمانيين، ها انّ المرشّح المنصف المرزوقي يستمرّ في تقسيم الشعب التونسي إلى «أزلام النظام البائد» ديمقراطيين ويعني بذلك 68،415 مواطن صوّتوا لفائدة حزبه في الانتخابات التشريعيّة بمن في ذلك لجان «حماية» الثورة والنهضويين الذين صوتوا لصالحه في الرئاسية وتحرّكوا في الأحياء والمدن لاقناع النّاخبين بخصال ساكن قصر قرطاج..وقد استعمل مدير حملته الانتخابيّة أو المرشّح نفسه خطابا في منتهى الخطورة وهو يقسّم الشعب التونسي بين «ديمقراطيين» (هكذا!) وبين ممثّلي النظام السابق ومزوّري الانتخابات والثابت أنّ هذه التسميات كفيلة بإحداث كوارث والدّفع الى الاقتتال عندما سينهزم المنصف المرزوقي في الدور المقبل.. كما سمعنا بعض أنصاره يتوعّدون المواطنين الذين لا يشاطرونهم مواقفهم «بواد من الدماء» أي بحرب أهليّة وتصفية الخصوم السياسيين من قبل الميليشيات! ففي أيّ ديمقراطية في العالم يهدّد أنصار مترشّح منافسيهم بالقتل؟ حدث هذا في تونس ولو أنّ هذه المجموعات الفاشية لم تفصح عن نوع الأسلحة الفتاكة التي سيستعملونها أو المخابئ التي وقع فيها تخزين الأسلحة! ان استقرار تونس مهدّد بخطب أفراد يفتقرون للنضج الفكري والسياسي ويحاولون تقسيم الشعب التونسي الى مسلمين وعلمانيين، وإلى «ثوريين» وديمقراطيين حقيقيين و«رجعيين»! لقد استمعنا في الماضي لخطب مماثلة في ايطاليا الفاشية زمن موسيليني أو في ألمانيا النازية زمن هتلر حيث عنف أنصار هذين الديكتاتورين المعارضين وقتلوهم أشنع قتل! لكن وبعد سنوات قليلة تمّت محاكمتهم وسجنهم وفي بعض الحالات اعدام البعض منهم لأنهم قسموا الشعوب و«كفروا» معارضيهم وأقاموا محاكمات ونفذوا اغتيالات.. ولكن ليتخلّ الجبابرة عن أوهامهم فالشعب التونسي والجيش التونسي والأمن التونسي سيتصدّون لكلّ مجموعة تحاول استعمال الأسلحة لقتل منافسين جديين!
وفضلا عن هذه المواقف الغريبة والألسنة التي تبشّر بالويل والخراب والدم ولكنها لا تخيف أحدا بل تقدم فكرة ضافية عن أصحابها، فانّ مدير الحملة الانتخابية للمرزوقي شكّك في مصداقية نتائج الانتخابات حيث زعم ان الرئيس المؤقت يتقدّم على الباجي في حين انّ كل استطلاعات الرأي تفيد بأنّ رئيس حزب نداء تونس يتقدّم على منافسه المرزوقي بعشر نقاط! فما هي انعكاسات التصريحات المجانبة للحقيقة؟ هل سيقبل أنصار مرشح حزب النهضة والمؤتمر بهزيمة مرشّحهم؟ انّ هذا الخطاب التحريضي والمهيّج وربما والداعي ضمنيا الى التصادم.. ستكون له تداعيات خطيرة! لكن على المتشدّدين ألا يتصوّروا انّ الشعب التونسي لقمة سهلة للابتلاع فسيدافع عن إرادته ووسطية نمط عيشه بكل الطرق السلميّة لأنّ السلاح لا يستعمله الاّ من لا أخلاق له، اي المجانين الذين يعتبرون ان مصلحتهم فوق مصلحة الوطن وانّ الجمهورية الفاشية او الدّينية هي اعلى نموذج في المجتمعات.
لقد عرفت المرزوقي عندما كان مدافعا عن الحريات وحقوق الانسان واحترمته لذلك، لكن عندما دخل قصر قرطاج وأصبح رئيسا مؤقتا تغيّر تماما إذ بات سجينا لغروره وعبدا لنرجسيّته وهو مستعد للتحالف مع كل المتشدّدين دفاعا عن عرش قرطاج وامتيازاته وما أكثرها.. وانّي على يقين من انّ القوى الديمقراطية الحقيقيّة ستصوّت لفائدة قايد السبسي وستهزم المرزوقي الذي يرفض الهزيمة وفكرة الهزيمة، بما انّ شعاره في الانتخابات هو «ننتصر أو ننتصر».